أظهر استبيان شامل أُجري بين سكان غزة صورة معقدة لسكان يواجهون تحديات استثنائية مع حفاظهم على صمود وأمل ملحوظين للمستقبل. توفر البيانات، التي تم جمعها من ٣٩٦ مشاركًا، رؤية غير مسبوقة لأولويات ومخاوف وتطلعات الأشخاص الذين يعيشون في ظل أحد أطول النزاعات في العالم.
يكشف السؤال الافتتاحي للاستبيان حول الرسائل التي يرغب السكان في إيصالها للعالم عمق الأزمة الإنسانية في غزة. حيث أعرب ٦٧.٤٢٪ من المشاركين عن رغبتهم في “العيش بسلام”، مما يؤكد أن السلام هو الهاجس الأهم. يليه ٢٠.٢٪ ممن يرون أن “مستقبل أفضل لأطفالنا” هو الأولوية، مما يظهر كيف تُنظر الصعوبات الحالية من منظور أمل الأجيال القادمة. ومن اللافت أن ٩.٦٪ فقط أشاروا إلى حاجتهم لـ”الدعم الإنساني”، مما يدل على أن الآثار النفسية والعاطفية للصراع الطويل تفوق في عمقها الاحتياجات المادية، ما خلق شوقًا أعمق للاستقرار والحياة الطبيعية.
عند سؤالهم عن أولوياتهم في حال توافر السلطة، أبدى المشاركون فهمًا عمليًا لاحتياجات غزة. كانت الإجابة السائدة هي “فتح الحدود من أجل حرية الحركة” بنسبة ٥٩.٨٥٪، مما يعكس العزلة الاقتصادية والاجتماعية التي فرضها الحصار المستمر. تلتها “خلق فرص عمل” بنسبة ٢٤.٧٥٪، مما يشير إلى أن التنمية الاقتصادية ما تزال مطلبًا حيويًا. ومن المثير للاهتمام أن ٤.٨٪ فقط أعطوا أولوية لـ”تحسين النظام الصحي”، مما يعكس أن حرية الحركة والفرص الاقتصادية تُعتبران من الأساسيات اللازمة لمعالجة الاحتياجات الاجتماعية الأخرى.
تكشف النتائج عن مجتمع يعيش في حالة قلق كبير تجاه مستقبله. نصف المشاركين (٥٠.٢٥٪) عبروا عن مخاوف كبيرة بشأن مسار غزة، في حين أبدى ٣١.٠٦٪ منهم قلقًا متوسطًا. فقط ١٦.٦٧٪ أبدوا تفاؤلًا بالمستقبل، مما يعكس العبء النفسي الناجم عن حالة عدم اليقين الطويلة الأمد. ويتجلى هذا القلق أيضًا في الأسئلة المتعلقة بتصعيد عسكري محتمل، حيث اعتقد ٣٩.٦٥٪ أن الضربات الإيرانية سيكون لها تأثير كبير على غزة، بينما رأى ٣٠.٣٪ أنه لن يكون هناك تأثير على الإطلاق — وهو انقسام يعكس على الأرجح تقييمات مختلفة للديناميات الجيوسياسية الإقليمية.
يستعرض هذا الاستطلاع الشامل، الذي شمل 469 مشاركًا، المواقف السياسية، والتصورات الأمنية، ودرجة الرضا عن الحوكمة في غزة والضفة الغربية. تكشف البيانات عن رؤى مهمة حول الرأي العام فيما يتعلق باستجابة الحكومة للتهديدات الأمنية، وتفضيلات حل النزاع، ودرجة الرضا عن القيادة، والتوقعات المستقبلية في ظل الظروف الحالية.
شمل الاستطلاع 469 مشاركًا:
87.85% (n=412) من قطاع غزة
11.3% (n=53) من الضفة الغربية
0.85% (n=4) من أماكن أخرى
يوفر هذا التوزيع تمثيلاً كبيرًا من غزة مع إدماج وجهات نظر من الضفة الغربية لأغراض المقارنة.
أظهرت تقييمات الجمهور لاستجابة الحكومة للتهديدات الأمنية في غزة نتائج مختلطة ولكنها في الغالب سلبية:
66.95% (n=314) يرفضون الاستجابة الحكومية تمامًا
20.68% (n=97) قيّموا الاستجابة بأنها متوسطة، مع الإقرار بوجود بعض الفاعلية لكن الحاجة لإجراءات أكثر شمولاً
8.96% (n=42) يرونها فعّالة جدًا
3.41% (n=16) إجابات أخرى
تشير هذه النسبة العالية من عدم الرضا (67%) إلى أزمة شرعية كبيرة فيما يتعلق بالحوكمة الأمنية وثقة الجمهور بآليات الاستجابة الرسمية.
حول الطريقة المفضلة لإنهاء الصراع في غزة:
49.68% (n=233) يفضلون الدبلوماسية والمفاوضات
20.47% (n=96) يفضلون طرقًا أخرى
12.58% (n=59) يؤيدون استمرار المقاومة
12.15% (n=57) يدعون للاعتماد على المجتمع الدولي
5.12% (n=24) إجابات أخرى
يشير تفضيل الأغلبية النسبية للحلول الدبلوماسية (49.68%) إلى وجود دعم شعبي كبير للآليات السلمية، بينما تعكس البدائل الأخرى (32.2%) تنوعًا في التفكير الاستراتيجي داخل المجتمع.
عند سؤال المشاركين عن دور القيادة الخارجية في إطالة فترة الصراع خارج غزة:
56.93% (n=267) يعتقدون نعم
41.15% (n=193) يعتقدون لا
1.92% (n=9) إجابات أخرى
يعكس هذا الاعتقاد (57%) شكوكًا واسعة حول دوافع الفاعلين الخارجيين ودورهم في حل النزاع.
أظهر تقييم الرضا عن أداء القيادة في إدارة المفاوضات:
76.55% (n=359) غير راضين تمامًا
11.73% (n=55) راضون إلى حد ما
10.23% (n=48) راضون تمامًا
1.49% (n=7) إجابات أخرى
تشير هذه النسبة المرتفعة من عدم الرضا (76.55%) إلى أزمة ثقة عميقة في القدرات التفاوضية وفاعلية القيادة الدبلوماسية.
بنفس النمط تقريبًا، أظهر الرضا عن قرارات القيادة في أوقات الحرب:
77.4% (n=363) غير راضين تمامًا
10.87% (n=51) راضون إلى حد ما
10.66% (n=50) راضون تمامًا
1.07% (n=5) إجابات أخرى
يشير هذا النمط المتكرر (77.4% عدم رضا) إلى وجود انتقاد عام وممتد، يعكس مشكلة منهجية وليست ظرفية.
توقعات الجمهور إذا استمرت الظروف الحالية جاءت في الغالب متشائمة:
71.86% (n=337) يتوقعون مزيدًا من التدهور
21.75% (n=102) يتوقعون انهيارًا اجتماعيًا
5.33% (n=25) يتوقعون تحسنًا في الأوضاع
1.07% (n=5) إجابات أخرى
تُظهر هذه التوقعات السلبية (93.61%) تشاؤمًا عميقًا بشأن المستقبل في ظل الأوضاع الراهنة، مما يبرز الحاجة الماسة لبدائل جديدة.
حول قدرة سكان غزة على التأثير في القرارات السياسية التي تمس حياتهم:
62.47% (n=293) يعتقدون أنه لا يوجد لهم أي تأثير
19.4% (n=91) يعتقدون أن لهم تأثيرًا
16.84% (n=79) يرون أن هناك إمكانية للتأثير ولكنها غير كبيرة
1.28% (n=6) إجابات أخرى
تشير هذه الغالبية (62.47%) إلى وجود عجز ديمقراطي وشعور بالعزلة عن عمليات صنع القرار.
بشأن ما إذا كانت المقاومة تمثل تطلعات واحتياجات الجمهور:
69.94% (n=328) يرون أنها لا تمثل تطلعاتهم
14.5% (n=68) يرون أن القيادة تمثل تطلعاتهم بالكامل
13.22% (n=62) يرون أن هناك تمثيلاً جزئيًا
2.35% (n=11) إجابات أخرى
تشير هذه النتيجة (69.94%) إلى فجوة كبيرة بين أنشطة المقاومة وأولويات أو تفضيلات الجمهور.
أزمة حوكمة: النسب المرتفعة جدًا من عدم الرضا عن أداء القيادة (في الأمن، التفاوض، القرارات الحربية) تعكس مشاكل نظامية وليست خلافات محدودة.
تفضيل الدبلوماسية: رغم عدم الرضا، فإن ما يقارب نصف السكان (49.68%) يفضلون الحلول الدبلوماسية، مما يكشف عن دعم كامن للخيارات السلمية.
عجز ديمقراطي: شعور 62.47% بعدم امتلاك أي تأثير سياسي يعكس أزمة شرعية ديمقراطية.
فجوة تمثيل: نحو 70% لا يشعرون أن المقاومة تمثل تطلعاتهم، ما يشير إلى انفصال واضح بين القيادة والجمهور.
مسار متشائم: أكثر من 93% يتوقعون نتائج سلبية إذا استمر الوضع الراهن، مما يبرز الحاجة إلى مقاربات بديلة وتجديد شرعية القيادة.
الشكوك الخارجية: اعتقاد غالبية (56.93%) بأن الفاعلين الخارجيين يطيلون أمد الصراع يشير إلى ضرورة وجود وساطة دولية أكثر مصداقية وتقليل الاعتماد على الحلول الخارجية.
© 2025 رأي فلسطين. جميع الحقوق محفوظة.